لم تدخر دولة الإمارات العربية المتحدة جهدًا في مكافحة تعاطي المخدرات والاتجار فيها، ووسط هذا لم تتخل عن المتعافين من الإدمان.
وأولت دولة الإمارات اهتمامًا بالغًا بمكافحة المخدرات، وهو ما اتخذت في سبيله عددًا من الإجراءات والقرارات التي انعكست على أرض الواقع، وكانت لها أصداء إيجابية على صعيد الإحصائيات.
خلال يونيو/حزيران الجاري، ترأس الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، اجتماع مجلس الوزراء في قصر الوطن بأبوظبي.
حضر الاجتماع الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، والفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “ترأست اليوم اجتماعًا لمجلس الوزراء في قصر الوطن بأبوظبي أقررنا خلاله تشكيل (مجلس مكافحة المخدرات) برئاسة أخي سيف بن زايد”.
واعتمد مجلس الوزراء تشكيل مجلس مكافحة المخدرات برئاسة الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير الداخلية وعضوية عدد من الجهات.
ومن اختصاصات هذا المجلس وضع استراتيجية وطنية متكاملة لمكافحة المخدرات، تتضمن الوقاية من المخدرات والتوعية بأضرارها، وتعزيز سبل الكشف المبكر عن تعاطيها، وتوفير خدمات العلاج الطبي، والتأهيل النفسي من الإدمان عليها.
يُضاف إلى ما سبق تعزيز آليات الدمج المجتمعي والوظيفي للمتعافين منها، وتحقيق التكامل المؤسسي الاتحادي والمحلي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، ومواجهة جرائم غسل الأموال، فضلًا عن تعزيز دور الوزارات والهيئات الحكومية الاتحادية والمحلية المعنية بمكافحة المخدرات على مبدأ المسؤولية المشتركة.
كما يتابع المجلس تنفيذ خطط مكافحة جلب وتهريب المخدرات عبر المنافذ الرسمية للدولة وحدودها البرية وسواحلها البحرية، ودراسة وإطلاق المبادرات الاستراتيجية والمشاريع الابتكارية وفق أفضل الممارسات العالمية، وتعزيز التعاون الدولي والتواصل مع الجهات والمؤسسات العالمية المعنية بمكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والعمل على تشجيع المؤسسات المدنية غير الحكومية على المساهمة المجتمعية في دعم جهود مكافحة المخدرات.
جهود المكافحة ملموسة على الأرض
أعلنت جمارك دبي نجاحها في إحباط ما يزيد على 2600 محاولة تهريب للمواد مخدرة في آخر 3 أعوام.
وكشفت الجمارك أنها أحبطت 829 محاولة تهريب في سنة 2020، و941 محاولة في عام 2021، و834 محاولة في 2022.
وصرح أحمد محبوب مصبح، المدير العام لجمارك دبي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، بأن “جمارك دبي بكل خبراتها المتراكمة وتجارب العمليات المتقنة لفرقها في مجال مكافحة المخدرات على الصعيد المحلي، والإقليمي، والعالمي، ستكون داعمًا رئيسيًا لجهود مجلس مكافحة المخدرات في الدولة”.
وأضاف أحمد محبوب مصبح، بحسب ما نقلته وكالة أنباء الإمارات، أن جمارك دبي تضع على رأس أولوياتها حماية المجتمع من أضرار ومخاطر المواد الممنوعة والمهربة الضارة بالمجتمع والاقتصاد، من خلال دورها كخط الدفاع الأول عن حماية المجتمع.
أبرز العمليات الضبطية
وكشف قطاع التفتيش الجمركي إحصائيات حول العمليات النوعية التي انتهت بضبط كميات مهربة من المواد المخدرة عبر منفذ دبي، خلال الأعوام الـ3 الماضية.
وضبطت الجمارك 36.76 كيلوغرام من مادة الماريغوانا المخدرة في المنفذ الجوي، بخلاف ضبط 75 ألف قرص من مخدر الكبتاغون عبر المنفذ البري.
وكشف راشد الضباح السويدي، مدير إدارة المراكز الجمركية البحرية “مكلف”، عن ضبط 3 ملايين قرص كبتاغون المخدرة و 1.5 طن من بودرة الكبتاغون في المنفذ البحري لإمارة دبي.
جهود المكافحة على الصعيد الدولي
تقدر دولة الإمارات دورها في مكافحة المخدرات على صعيد الدولي، بنفس الدرجة التي توليها على المستوى المحلي، فخلال الأشهر الماضية، أحبطت عدة عمليات تهريب.
في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، نجحت السلطات الأسترالية في ضبط طنين من مادة “الميثامفيتامين” المخدرة بحاويات شحن في ميناء سيدني، وهذا بفضل تعاونها مع جمارك دبي، وجرى تصنيف هذه العملية على أنها الأكبر في أستراليا منذ سنة 2019.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ثمن الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة الإمارات، الجهود الدولية المشتركة بين وزارة الداخلية ممثلة في القيادة العامة لشرطة دبي، ووكالة الشرطة الأوروبية “اليوروبول” ودول إسبانيا وبلجيكا وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، بعد نجاح عملية “ضوء الصحراء”، التي أطاحت بأكبر تنظيم إجرامي متخصص في تهريب المخدرات.
وانتهت هذه العملية بضبط ما يزيد على 30 طنًا من المخدرات، و49 مشتبها منهم 6 زعماء يديرون شبكات وعمليات تهريب المخدرات وترويجها في قارة أوروبا.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، ضبطت السلطات الكندية أكبر كمية من مخدر الأفيون في تاريخها المُعاصر، بفضل معلومات أوردتها إليها القيادة العامة لشرطة دبي ممثلة بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات.
وبلغت الكمية المضبوطة حينها 2 طن و500 كيلوغرام من الأفيون، تعادل قيمتها المادية ما يزيد على 50 مليون دولار كندي، حتى وجهت كندا شكرها إلى القيادة العامة لشرطة دبي على دعمهم الحاسم في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
جهود المركز الوطني للتأهيل
لما للوقاية من دور فاعل في حماية الأفراد من مخاطر الإدمان، اتخذ المركز الوطني للتأهيل في الإمارات هذا العام شعار “ننهي الوصم.. نعزز الوقاية”.
ونجح المركز في الربع الأول من العام الجاري، وخلال سنة 2022، في تحقيق عدد من الإنجازات المهمة، أبرزها زيادة السعة الاستيعابية للمركز حيث ارتفعت من 78 سريرًا إلى 90 سريرًا، ثم بلغت 114 سريرًا، كما حسّنت قنوات طلب خدمات المركز من خلال منصة “تم” والموقع الإلكتروني.
وبحسب ما نقلته وكالة أنباء الإمارات، حسًن المركز التطبيق الذكي والاتصال التليفوني، كما تمت مراجعة وتطوير الإجراءات والبرامج العلاجية لتحسين تجربة المريض والمخرجات العلاجية وزيادة عدد العيادات الخارجية، بما ساهم في خفض قوائم الانتظار.
ويستخدم المركز أحدث تقنيات التكنولوجيا للمساعد في علاج الإدمان، منها استعمال الهواتف الذكية والتطبيقات والبرامج المتوفرة على الشبكة العنكبوتية، ويجري العمل على تطوير برنامج جديد لأول مرة سيستخدم في مراقبة ومتابعة مرضى الإدمان عن بُعد.
وأنشأ المركز صالة رياضية متخصصة للمرضى تساعدهم في مرحلة التأهيل، وتخدمهم بعد الخروج من المركز، بخلاف بناء مبنى للزوار يحافظ على سرية المرضى، وآخر خاص بالزيارات الأسرية.
ويعتبر مركز التأهيل هو أول مؤسسة إقليمية تحصل على صفة “مركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية” بما يؤهله ليكون مرجعًا في مجال علوم الإدمان وتفرعاته البحثية والعلاجية والتأهيلية على المستوى الإقليمي.
كما حصل المركز على شهادة معتمدة من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا للمرة الثانية على التوالي وذلك بعد استيفائه متطلبات المشاركة في برنامج جودة مختبرات العقـاقير والمواد المخدرة والسموم، وهو إنجاز غير مسبوق على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
صورك: أل أين