أفاد تقرير نشره الأحد موقع “أخبار الأمم المتحدة” بأن العاملين في مراكز ومكاتب تابعة للأمم المتحدة يبذلون جهودا مضنية في مكافحة آفة المخدرات بأفغانستان، عبر الاستعانة بوسائل وأدوات تكنولوجية، ومنها الأقمار الاصطناعية، بالإضافة إلى المصادر الميدانية.
وإلى جانب زراعة الأفيون، تعصف مشكلة تعاطي المخدرات بالأفغان في سائر أنحاء البلاد. والحل الذي تقدمه سلطات الأمر الواقع (سلطات طالبان) لمن يتعاطى المخدرات هو تشجعيه على دخول مراكز للعلاج وإعادة التأهيل، التي تعج بمشاهد صادمة لأشخاص أغلبهم يعاني من التشرد وسوء التغذية، وفقا للتقرير.
وأشار الموقع إلى أن الأمم المتحدة تبذل قصارى جهدها لدعم الشعب الأفغاني. وهي تعمل، منذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، وفق إطار عمل انتقالي يحصر عملها بشكل كبير على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية مع تحديد سبل مبتكرة للقيام بأنشطتها التنموية عبر شركائها المنفذين بدون تقديم دعم مباشر لسلطات الأمر الواقع.
ولعقود من الزمان، كانت أفغانستان مركزا عالميا لإنتاج الأفيون، ويقدر أنها تتنج 80 في المئة منه في العالم. والآن تشهد أيضا نمو صناعة مادة الميثامفيتامين المخدرة بسرعة فائقة، مما أثار مخاوف خبراء ومسؤولين غربيين من أن تصبح في ظل حكم طالبان، موردا رئيسيا لها مع ارتفاع الطلب عليها عالميا، بحسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” نشر في مايو 2022.
مركز معلومات متخصص
وقام المكتب الإقليمي في آسيا الوسطى، التابع لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بتأسيس مركز معلومات لدراسة وتحليل المخاطر العابرة للدول المتعلقة بالمخدرات والجريمة، في طشقند عاصمة أوزبكستان، ويضم فريقا احترافيا متفانيا، وفق تقرير موقع “أخبار الأمم المتحدة”.
وتؤكد رئيسة المكتب الإقليمي، سالوم فلوريس، في حوارها مع الموقع أن مهمتهم واضحة وهي إنتاج معلومات “محايدة وموضوعية ومدرجة بصورة محكمة، للأشخاص المناسبين وفي الوقت المناسب”.
وأضافت أن تلك المعلومات ستفسح المجال أمام صناع القرار لاتخاذ قرارات مستنيرة، وستساعد على فهم حجم مشكلة المخدرات في المنطقة وبالأخص في أفغانستان.
عملية رصد الأفيون
ووفق ما جاء في التقرير، يتلقى المركز معلومات من مصادر متعددة بما فيها الحكومات ووسائل التواصل الاجتماعي والأبحاث الأكاديمية والإحصاءات ومن الفرق الموجودة على الأرض في أفغانستان.
لكن الأداة الأهم بين تلك المصادر هي الطريقة المنهجية التي صاغها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة على مدار ثلاثة عقود للتعرف على المحاصيل. ويعتمد المكتب في هذه الطريقة على صور المسح الأرضي والتصوير المتطور بالأقمار الاصطناعية لتحديد ما يطلق عليه اسم “شارات” للتفريق بين أنواع المحاصيل على الأرض بما يتيح للمكتب تحديد أماكن زراعة الأفيون.
ويعتبر عمل الفريق في مركز المعلومات حساسا للغاية، كما أن حماية المعلومات التي يجمعها مهم جدا لتجنب أي تداعيات كارثية تقع على المزارعين لاسيما في ظل الوضع السياسي الراهن في أفغانستان. وهو ما أكده، أليكس نوباجاس جانو، مسؤول المعلومات الجغرافية في المركز والذي قال لموق “أخبار الأمم المتحدة” إن المعلومات التي يتم جمعها لا تتم مشاركتها عبر الإنترنت أو الخوادم الحاسوبية.
فعالية الحظر
وبعد سنوات من تكثيف إنتاج وزراعة الخشخاش في أفغانستان، تشير الأدلة إلى تراجع ذلك النشاط بشكل كبير خلال العام الحالي بسبب الحظر الذي تفرضه بصرامة سلطات طالبان، وفقا للموقع.
وفي تقريره، الصادر، الأحد، يشير مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات إلى تسجيل مستويات غير مسبوقة للإمدادات غير المشروعة للمخدرات وتنامي شبكات التهريب سريعة الحركة في جميع أنحاء العالم.
وفي حين أن الانخفاض الكبير المحتمل في زراعة خشخاش الأفيون في أفغانستان هذا العام سيعود بفوائد عالمية، إلا أنها ستكون على حساب العديد من المزارعين الذين ليس لديهم وسائل بديلة لتوليد الدخل.
وفي ذلك البلد المنكوب بالفقر، تظل زراعة الأفيون جذابة للغاية ومربحة، حيث يمكن للمزارع كسب حوالي 30 سنتا مقابل بيع 7 كيلوغرامات من الطماطم بينما يبلغ السعر الحالي لكيلوغرام واحد من الأفيون نحو 360 دولارا.
ورغم الحظر على زراعة الأفيون، إلا أن هناك تهديد يتمثل بالمؤثرات الأفيونية الاصطناعية والميثامفيتامين وتشير التقديرات إلى زيادة الكميات المضبوطة منه في المنطقة بصورة كبيرة.
وعلى مدار عقود، كان يتم تهريب الأفيون من أفغانستان عبر آسيا الوسطى وطرق التهريب الشمالية إلى أسواق أخرى بما فيها أوروبا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط. ومن ثم فإن مراقبة تجارة المخدرات في المنطقة هو أمر غاية في الأهمية، وفقا للتقرير.
وخلال ست سنوات تم بناء مئات من مختبرات الميثامفيتامين في أفغانستان، وفقا لخبراء مستقلين ومسؤولين حكوميين سابقين وتجار مخدرات تحدثوا لواشنطن بوست، كما يتم بناء مزيد كل شهر، حيث تجبر الأزمة الاقتصادية في البلاد الأفغان على إيجاد مصادر جديدة للدخل.
وجاء الازدهار المفاجئ في إنتاج الميثامفيتامين بعد أن اكتشف تجار المخدرات ثروة محتملة في نبات محلي يسمى “الإيفيدرا”، يُعرف محليا باسم “عمان”، ينمو في البرية، ويعد مصدرا طبيعيا للمكون الرئيسي للدواء.
ويتمتع بائعو الميثامفيتامين في المناطق الريفية بغرب أفغانستان بحرية ممارسة تجارتهم منذ فترة طويلة. وقال عبد الودود، أحد تجار الميثامفيتامين في البلاد، إن الحكومة السابقة غضت الطرف إلى حد كبير، واتخذت طالبان نفس النهج منذ وصولها إلى السلطة.
وأضاف عبد الودود: “السبب الوحيد لقيامنا بهذا العمل هو عدم وجود وظائف أخرى. بالطبع، إذا ساء الاقتصاد، سيبدأ المزيد من الناس في إنتاج الشيشة (المصطلح الأفغاني للميثامفيتامين)”.
وخلال السنة الماضية أصدرت حركة طالبان أول حظر رسمي لها على زراعة وإنتاج وتوزيع المخدرات غير المشروعة. ومع ذلك، هناك شك على نطاق واسع في أن القيادة الجديدة سوف تقضي على مصدر للأموال الصعبة، في وقت تواجه فيه البلاد عزلة عن النظام المالي العالمي، وفقا للصحيفة.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير نشر بنوفمبر 2021 أن عشرات من الأشخاص يتاجرون علنا في الأفيون بأفغانستان وهو مصدر رئيسي للهيروين الذي يباع في الدول الغربية.
ويقول مزارعون إنهم بدأوا في زراعة الخشخاش – وهي نبتة يستخرج منها الأفيون – في الأراضي التي كانوا يزرعون فيها القمح أو الذرة لأن الجفاف والعقوبات الدولية وإغلاق الحدود جعل المحاصيل المشروعة غير مربحة.
وقال صالح محمد (55 عاما)، وهو مزارع أفغاني وأب لسبعة أطفال للصحيفة، “الجميع فقراء هنا وسنصبح أكثر فقرا إذا لم نزرع الخشخاش، لأن منتجاتنا الأخرى ليس لها سوق”.
المصدر: الحرية