بقلم: تالا ميشال عيسى
تشهد عيادات الخصوبة في دبي زيادة مقلقة في زيارات المرضى بسبب مشاكل العقم أو انخفاض الخصوبة، حيث تساهم خيارات نمط الحياة في انخفاض عدد الحيوانات المنوية لدى الرجال واحتياطي المبيض لدى النساء في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة، كما كشف أطباء لـ “أريبيان بزنس”.
وقال الأطباء إن الإمارات تشهد زيادة مقلقة في العقم، حيث تشهد عيادات التلقيح الاصطناعي في جميع أنحاء البلاد زيادة هائلة في المرضى الذكور والإناث الذين يسعون للعلاج من انخفاض عدد الحيوانات المنوية واحتياطيات المبيض.
وقال لوتشيانو ناردو، الرئيس التنفيذي ومؤسس عيادة NOW-fertility (الآن – الخصوبة): “العقم آخذ في الارتفاع في الإمارات العربية المتحدة حيث يطلب المزيد من الأزواج العلاج للمساعدة على الحمل”.
وكشفت منظمة الصحة العالمية أن واحداً من كل ستة أشخاص في جميع أنحاء العالم مصاب بالعقم في عام 2023، وهو ما يمثل أكثر من 17% من السكان البالغين في العالم، مما يشير إلى أنه يمثل تحدياً صحياً عالمياً كبيراً.
لوتشيانو ناردو
وعن الأسباب الرئيسية للعقم وتحول معظم الأزواج إلى العلاج لإنجاب أطفال الأنابيب في الإمارات، يقول لوتشيانو ناردو: “يعود ارتفاع نسبة العقم إلى قلة التعرض لأشعة الشمس مما يؤدي إلى نقص فيتامين د، والسمنة، والتدخين، والشرب، والنظام الغذائي السيئ، والزواج المتأخر”.
وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن واحداً من كل ستة أزواج في الإمارات العربية المتحدة يواجه صعوبات في الإنجاب، وانخفض معدل الخصوبة الإجمالي في الدولة بشكل كبير من 2.7 مولود لكل امرأة في عام 2000 إلى 1.5 مولود لكل امرأة في عام 2020.
وشهدت عيادة أوركيد للتلقيح الاصطناعي Orchid IVF Clinic، ومقرها دبي، زيادة ملحوظة في عدد الأزواج الذين يزورون العيادة للحصول على المشورة والعلاج بشأن الخصوبة، حسبما قال المدير الطبي للعيادة الدكتور ديميتريوس كافيتزيس لـ “أريبيان بزنس”.
وأضاف: “معدلات الخصوبة في الواقع تتناقص ببطء. هذا يرجع إلى عوامل الخصوبة لدى الذكور والإناث، مشيراً إلى أن هناك العديد من العوامل المساهمة، بدءاً من انخفاض حجم الحيوانات المنوية وتناقص احتياطيات المبيض إلى تكيس المبايض”.
ديميتريوس كافيتزيس
لكن القضية الرئيسية، كما قال كافيتزيس، هي أن البالغين الآن يؤجلون تكوين أسرهم إلى وقت لاحق في حياتهم.
وأضاف : “يقودنا المجتمع والمعايير الحالية إلى الاعتقاد بأن المهنة تأتي أولاً. ولكن يجب أن نعلم المراهقين أن أفضل سن لإنجاب الأطفال – سواء لناحية صحة الوالدين أو صحة الأبناء – يكون في العشرينات، والأفضل في أوائل العشرينات لأن هذا هو الوقت الذي يكون فيه المبيض والحيوانات المنوية والرحم وكذلك جسد الأنثى الذي سيحمل الطفل في ذروة النشاط”.
وأوضح كافيتزيس لـ “أريبيان بزنس” أن الأزواج بحاجة إلى التثقيف بشأن “الآثار الضارة للتدخين والكحول على جودة البويضات والحيوانات المنوية”، مضيفاً أن هناك عدداً متزايداً من الرجال الذين يواجهون مشاكل العقم بسبب أخذهم الهرمونات في صالة الألعاب الرياضية لتحسين مظهرهم البدني.
علاجات الخصوبة في الإمارات
كاسي ديستينو
كما شهدت مجموعة دعم العلاج بالتلقيح الاصطناعي في دولة الإمارات IVF Support UAE على “فيسبوك” زيادة مطردة في عدد الأعضاء على مدار السنوات القليلة الماضية، كما قالت مؤسستها كاسي ديستينو، مع أكثر من 4000 امرأة.
وأضافت كاسي ديستينو “يمكن أن يكون العقم تجربة صعبة ومفجعة ولكن هناك الكثير من الخيارات المتاحة. ونشهد تقدماً جديداً في وسائل العلاج طوال الوقت، ويمكن الآن علاج الظروف التي كانت تعني في يوم من الأيام أنه لا يمكن إنجاب طفل”.
وقالت ديستينو، وهي أيضاً اختصاصية خصوبة، لـ “أريبيان بزنس” إن العديد من الوافدين المقيمين في الإمارات وجدوا أنفسهم يواجهون العقم في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، ومع تحسن علاجات العقم أكثر فأكثر بمرور الوقت، لجأ المزيد من الأزواج إليها للمساعدة في تكوين أسرهم.
وتتبنى العيادات المتخصصة في الإمارات العربية المتحدة أحدث الإبتكارات الطبية في علاج العقم لتقديم أفضل علاج ممكن.
وقالت ديستينو: “هذا مكان رائع للبحث عن علاج الخصوبة لأنه يمكنك الوصول إلى الأفضل عندما يتعلق الأمر بقاعدة المعرفة الخاصة بالطبيب وموظفي العيادة. أحد الأشياء التي قد تفكر فيها النساء للمساعدة في الحفاظ على خصوبتهن هو تجميد بويضاتهن في سن صغير وفي صحة جيدة. وتعتبر هذه بمثابة بوليصة تأمين إذا كانوا يسعون إلى تحقيق الحمل في وقت لاحق في الحياة. إذا كان لديك أي قلق بشأن خصوبتك وقدرتك على الحمل، فعليك الذهاب إلى أخصائي الخصوبة في أقرب وقت ممكن”.
الإصلاحات القانونية
وبعد الإصلاحات القانونية الأخيرة التي أقرتها الإمارات في عام 2021 التي تسمح الآن بتجميد الأجنة والبويضات البشرية، تختار المزيد من النساء في الإمارات تجميد بويضاتهن لأسباب مختلفة.
وينص القانون على أنه يمكن تجميد الأجنة البشرية لمدة تصل إلى خمس سنوات، قابلة للتمديد بموافقة الأطراف المعنية، وأن المرأة العازبة يمكنها تجميد بويضاتها شريطة استخدامها في حملها بعد الزواج من الحيوانات المنوية لزوجها في إجراء التلقيح الاصطناعي. ومع ذلك، فإن تأجير الأرحام وكذلك التبرع بالبويضات والحيوانات المنوية لا يزال غير قانوني في الإمارات العربية المتحدة.
مجد أبو زنط
وقال مجد أبو زنط، الشريك المؤسس لـ Ovasave لحفظ البويضات: “في أماكن مثل الإمارات العربية المتحدة، تركز النساء على التعليم العالي، وبناء مسيرتهن المهنية، ويستغرقن الوقت لاستكشاف التطلعات الشخصية مثل العثور على الشريك المناسب والسفر. ومع ذلك، أثناء قيامهن بكل هذه الأشياء المدهشة، من المهم الاعتراف بأن الخصوبة تبدأ في الانخفاض مع دخولهم الثلاثينيات من العمر. وهنا يأتي دور تجميد البويضات. من خلال تجميد بويضاتهن في سن أصغر عندما يكونن بصحة جيدة، فإن النساء لا يتحكمن في مستقبلهن الإنجابي فحسب، بل يخففن أيضاً من الإجهاد المرتبط بالساعة البيولوجية الموقوتة”.
الإمارات مركز لسياحة الخصوبة
وقال لوتشيانو ناردو، الرئيس التنفيذي ومؤسس عيادة NOW-fertility إنه مع استمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في تبني أحدث علاجات الخصوبة، فإنها تتطور لتصبح “مركزاً لسياحة الخصوبة. إن النمو في قطاع الخصوبة وأطفال الأنابيب في دولة الإمارات العربية المتحدة لا يرتبط فقط بمشاكل الخصوبة ، ولكنه مدفوع أيضاً بالاتجاهات عبر المجتمع الحديث والطلب على خدمات مثل التلقيح الاصطناعي مع الاختبارات الجينية لاختيار الجنس (الموازنة الأسرية) التي لا تتوفر في بلدان أخرى”.
وأضاف “إن توفر خيارات العلاج بمعايير عالية والمهنيين المشهورين والتقنيات المتقدمة في مراكز الإمارات العربية المتحدة هي التي تخلق سياحة التلقيح الاصطناعي”.
ويعتبر التلقيح الاصطناعي الآن صناعة عالمية تقدر بمليارات الدولارات ومن المتوقع أن تنمو إلى أكثر من 17 مليار دولار في عام 2023 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.4 في المائة.
وتتراوح تكاليف العلاج في الإمارات من 10000 دولار إلى 15000 دولار لكل دورة.