أسباب اقتصادية متعددة
ويضيف الجاسم لـ”العربي الجديد” أن “هناك عوامل اقتصادية مهمة أثرت على سعر الصرف، منها مستحقات الديون الخارجية وخلل الميزان التجاري، رغم وصول صادرات تركيا إلى 254 مليار دولار، وهما يساهمان في سحب السيولة الأجنبية من السوق”.
وأشار إلى عوامل أخرى محلية منها “دور عجز الموازنة العامة وزيادة نفقات الدعم التي تقدمها الحكومة، خاصة بعد الزلزال الذي ضرب البلاد في فبراير/شباط الماضي”.
وحول مدى نجاعة الاجراءات الحكومية، يرى الجاسم أن “تلك الإجراءات بحاحة إلى وقت، لأن استعادة الثقة تحتاج زمناً وأفعالا”.
ولفت إلى أن “السبب الأهم لتراجع سعر صرف الليرة هو توقعات السوق والمضاربين بإقرار نسبة فائدة أكبر من التي أقرها المصرف المركزي الأسبوع الماضي، لذا استمرت المخاوف ولم يزل القلق في السوق”.
ووعد وزير المالية الجديد محمد شيمشك، في تصريحات أمس السبت، بتخفيض التضخم إلى 10% عبر العودة إلى القواعد الاقتصادية التقليدية.
وأضاف شيمشك أن “حكومة بلاده عازمة على تحقيق الاستقرار المالي على المدى القصير”، مبيناً أن “هذه المرحلة بدأت مع قرار البنك المركزي رفع سعر الفائدة، وستُدار هذه المرحلة بحزم وبشكل تدريجي”.
وشدد شيمشك على أن “أهدافنا الاقتصادية الرئيسية هي إرساء الانضباط المالي، واستقرار الأسعار لتحقيق الارتفاع المستدام في معدلات النمو”.
ويتساءل المحلل التركي مسلم أويصال عن “الانسجام بين الفريق الاقتصادي والسياسي”، متسائلاً: “هل سيترك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قيادة الاقتصاد للوزير شيمشك من دون تدخل، ولو عبر نائب الرئيس جودت يلماظ، أم ستكون إجراءات الحكومة خطرة على ما حققته تركيا خلال السنوات الأخيرة”.
ليس بالفائدة وحدها يتحسن الاقتصاد
ويضيف أويصال لـ”العربي الجديد” أن “الإنفاق الحكومي الكبير زاد من التضخم وساهم بزيادة تدهور سعر الليرة، كما أن التدخل المستمر وغير المعلن من المصرف المركزي أثر على الاحتياطي الأجنبي، وربما هذا زاد من تراجع ثقة المستثمرين ومخاوف الأسواق”.
ويلفت المحلل التركي إلى أن “الإجراءات الحكومية الجديدة مع زيادة الاقبال السياحي والصادرات يمكن أن تعيد الاقتصاد إلى سكة النمو المتسارع وتحسن سعر الليرة وتخفض نسبة التضخم مع مرور الوقت”.
وأكد أن ذلك “لن يأتي من تحريك أسعار الفائدة فقط، بل هناك إجراءات كثيرة، اقتصادية وغير اقتصادية، لا بد أن تتضافر”.
وقالت محافظة مصرف تركيا المركزي الجديدة حفيظة غاية أركان، السبت، إن “جميع الأقسام التابعة للبنك شمرت عن سواعدها من أجل مكافحة التضخم في البلاد”.
ويرى وزير الاقتصاد التركي السابق إشين جلبي إن “المشكلتين الرئيسيتين التي يجب على تركيا حلهما هما العجز في الميزانية وسعر الصرف”، مؤكداً، خلال تصريحات نقلتها وكالة “إخلاص” أمس، “أهمية التحول التدريجي في الاقتصاد”.
وقال المحلل يوسف كاتب أوغلو، في تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”، إن سعر الفائدة في تركيا وقبل الرفع الكبير الأخير لم يكن منخفضاً، بل 8.5%، وهي أعلى فائدة في الدول الأوروبية”.
وأضاف كاتب أوغلو أن “التمادي في رفع سعر الفائدة سيدفع بالرساميل إلى خزائن المصارف، وستخسر تركيا الاستثمار في القطاع الاقتصادي الحقيقي”، متمنيا أن تكون “سياسة رفع الفائدة ناجعة على المدى المتوسط، حتى لا تكون خسارة الاقتصاد مضاعفة”.