قال صندوق النقد إن الإمارات سجلت نمواً قويا العام الماضي بفضل الاستجابة السريعة لمواجهة كورونا، مؤكدا أن آفاق الاقتصاد لا تزال إيجابية بدعم من قوة النشاط المحلي.
قالت بعثة صندوق النقد الدولي في بيان بعد أن اختتم المجلس التنفيذي للصندوق مشاورات المادة الرابعة لعام 2022 مع دولة الإمارات العربية المتحدة: “شهدت الإمارات العربية المتحدة نمواً اقتصادياً أكثر قوة خلال عام 2022 بفضل الاستجابة السريعة والفعالة في مواجهة جائحة كوفيد-19، وتدابير المالية العامة الداعمة، ومزايا الإصلاحات الاجتماعية وغيرها من الإصلاحات الداعمة للأعمال التي نفذتها الإمارات في السابق. فمن المتوقع أن يبلغ النمو الكلي 6.9 بالمئة في عام 2022، حيث يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي غير الهيدروكربوني إلى 5.3 بالمئة، كما يُتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الهيدروكربوني بنسبة 11.1 بالمئة في عام 2022 عقب اتفاقية أوبك+”.
وذكر البيان أن “التضخم ارتفع بشكل متماشي مع الاتجاهات العالمية، وإن كان يُتوقع تراجعه إلى 3.4 بالمئة في عام 2023″.
ومن المتوقع أن تظلّ الفوائض المالية والخارجية مرتفعة نتيجة لزيادة أسعار النفط. كما تتمتع البنوك بمستوى كاف من رأس المال والسيولة بوجه عام، وإن كانت القروض المتعثرة لا تزال مرتفعة، رغم تراجعها عن مستويات الذروة التي سجلتها مؤخراً، كما شهدت أسعار العقارات ارتفاعاً حاداً في بعض القطاعات، بحسب بيان صندوق النقد.
وقال البيان “تواصلت الجهود الهائلة المبذولة في إطار “الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب” للمضي قدماً في تقوية المنظومة الرقابية لضمان فعاليتها اتساقاً مع إجراءات الرقابة المعززة التي أوصت بها مجموعة العمل المالي (FATF)”.
وأوضح بيان صندوق النقد أن الآفاق الاقتصادية لا تزال إيجابية بفضل قوة النشاط المحلي.
وتشير توقعات صندوق النقد إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي في الإمارات بنسبة 3.6 بالمئة في عام 2023، حيث يسجل معدل النمو غير الهيدروكربوني 3.8 بالمئة نتيجة استمرار النشاط السياحي وزيادة المصروفات الرأسمالية.
على الرغم من ذلك، لا تزال أجواء عدم اليقين الشديدة التي يشهدها العالم تؤثر على الآفاق الاقتصادية، بما في ذلك تراجع النمو، وزيادة تشديد الأوضاع المالية، والتطورات الجيوسياسية. ومن المحتمل أن يتجاوز معدل النمو التوقعات على المدى المتوسط بفضل تعزيز جهود الإصلاح في الإمارات، بحسب بيان صندوق النقد الدولي.
وقال بيان صندوق النقد: “تتواصل جهود الإصلاح القوية في إطار استراتيجيات الإمارات 2050. ومن شأن المضي في تنفيذ اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة أن يساهم في تعزيز التجارة والاندماج في سلاسل القيمة العالمية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وعلاوة على ذلك، ستساهم مزايا الذكاء الاصطناعي والتحوّل الرقمي والاستثمارات في تمكين البنية التحتية الداعمة في دعم التنوع الاقتصادي، وتشجيع التحوّل السلس في قطاع الطاقة، ومعالجة مواطن الضعف الناجمة عن الجهود العالمية المبذولة لخفض انبعاثات الكربون. ويجري العمل حالياً على معالجة مواطن الضعف طويلة الأجل الناجمة عن جهود خفض انبعاثات الكربون العالمية من خلال الالتزام بالمبادرات المناخية واتباع نهج متوازن في تحقيق التحوّل المرجو في قطاع الطاقة”.
كما أثنى المديرون التنفيذيون في صندوق النقد على استجابة السلطات الإماراتية لتحركها الفعال في مواجهة جائحة كوفيد-19، والإجراءات التي اتخذتها في الوقت المناسب على صعيد السياسات، وتنفيذها للإصلاحات الهيكلية، مما أدى إلى تحقيق نمو قوي وفَّر له ارتفاع أسعار النفط مزيداً من الدعم.
ولكن نظراً للحالة العامة العالمية والتي تتسم بقدرٍ كبيرٍ من عدم اليقين والمخاطر، حثّ المديرون السلطات على زيادة تدعيم مركز المالية العامة وزيادة تقوية القطاع المالي، وتنويع الاقتصاد، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات الضرورية لتحقيق ما ما تصبو إليه السلطات من مستهدفات طموحة للتحول الأخضر.
كذلك حث المديرون في صندوق النقد الدولي على المحافظة على موقف مالي متحفظ على المدى القريب، مع ضمان استهداف الدعم للفئات الأشد احتياجاً والنظر في سحب ما تبقى من الدعم المالي الكلي المرتبط بالأزمة باتباع نهج يقوم على الإفصاح الجيد.
وأشاروا إلى أن إجراء إصلاحات مالية إضافية من شأنه توسيع قاعدة الإيرادات وتنويعها ودعم التكيّف السلس مع اقتصاد أقل إصداراً لانبعاثات الكربون في المستقبل.
وفي هذا الصدد، أثنى المديرون على التقدم الذي تحقق في تعزيز الإيرادات غير الهيدروكربونية، بما في ذلك عن طريق الضريبة على دخل الشركات، ودعوا إلى مواصلة التحسينات المتعلقة بكفاءة الإنفاق.
وشدّد المديرون على أهمية إدراج إصلاحات مالية ضمن إطار موثوق للمالية العامة على المدى المتوسط، يرتكز على تنسيق أوثق بين أطر المالية العامة في الإمارات المختلفة، وذلك لأهداف منها المساعدة على إجراء عملية ضبط مالي سنوي محدود على أساس مواتٍ للنمو. كذلك شدد المديرون على أهمية مواصلة الجهود لتحسين شفافية المالية العامة وتعزيز الحوكمة والمساءلة عن طريق نشر البيانات المالية للحكومة العامة على مستوى الإمارات المختلفة وعلى المستوى الاتحادي.
وأكد المديرون أن ضمان سلامة النظام المالي أمر بالغ الأهمية للوقاية من المخاطر وتعزيز النمو على المدى المتوسط. وبالرغم من أن الميزانيات العمومية للبنوك لا تزال قوية بصفة إجمالية، فإن هناك ما يدعو إلى استمرار المتابعة الوثيقة للمخاطر التي تواجه الاستقرار المالي وزيادة تقوية الأطر الاحترازية الكلية، وذلك لأسباب منها ارتفاع مستوى القروض المتعثرة، وتشديد الأوضاع المالية، وانكشافات البنوك على القطاع العقاري.